انطلقت أمس في الرياض فعاليات النسخة الرابعة عشرة من مهرجان المسرح الخليجي، برعاية كريمة من صاحب السمو الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، وزير الثقافة ورئيس مجلس إدارة هيئة المسرح والفنون الأدائية.

وشهد المهرجان حضورًا بارزًا وعددًا من كبار الشخصيات الثقافية والفنية من مختلف دول مجلس التعاون الخليجي، حيث يلتقون في هذا الحدث الثقافي النوعي الذي تستضيفه المملكة العربية السعودية للمرة الأولى ، وتضمن الحفل لوحات فنية استعراضية متنوعة؛ تمثل الحياة والثقافة الخليجية، مقدمة عبر عروض مسرحية مستوحاة من تاريخ وتراث المنطقة، كذلك تم عرض لوحات فنية، والتى جاءت لتبرز ملامح مختلفة من الهوية الخليجية، بدءًا من الفنون الشعبية مثل الرقصات التقليدية والأهازيج البحرية؛ وصولاً إلى المشاهد المسرحية التي تحكي قصصًا من التراث الخليجي، وقد عبرت هذه اللوحات عن روح التعاون والتضامن بين دول الخليج، مما أضاف للحفل بعدًا ثقافيًا وجماليًا.

بينما رحب صاحب السمو الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة بضيوف المملكة في مهرجان المسرح الخليجي خلال الكلمة الافتتاحية التي ألقاها نيابة عنه الرئيس التنفيذي لهيئة المسرح والفنون الأدائية الأستاذ سلطان البازعي.

من جهته، أكد رئيس اللجنة الدائمة للفرق المسرحية الأهلية بمجلس التعاون الخليجى خالد الرويعى، أهمية المهرجان في تعزيز التواصل الثقافي بين دول الخليج؛ مشيرًا إلى الدور الحيوي للمسرح في نشر الوعي الثقافي والاجتماعي. وأعرب عن شكره للداعمين والمشاركين؛ مشددًا على أن هذا الحدث يُعد منصة مهمة للاحتفاء بالإنجازات الفنية ولتبادل الخبرات بين المبدعين.

تكريم الرواد..

وفي خطوة تعكس التقدير العميق لمسيرتهم الفنية، تم تكريم عدد من الرواد والمبدعين الذين أسهموا في إرساء قواعد المسرح الخليجي.

وقد تم منحهم دروع التكريم وسط تصفيق حار من الحضور؛ تعبيرًا عن الامتنان لما قدموه من إسهامات بارزة على مدى عقود.

فيلم وثائقي..

ولم تقتصر الاحتفالية على التكريم فقط، بل تضمنت أيضًا عرض فيلم وثائقي، تناول أبرز محطات وإنجازات المكرمين، مما أضاف بعدًا توثيقيًا للحفل، وأبرز دورهم المحوري في إثراء المسرح الخليجي.

مسيرة عطاء..

من جانبهم، عبر المكرمون عن بالغ سعادتهم واعتزازهم بهذا التكريم؛ مؤكدين أن هذه اللفتة الكريمة تمثل تقديرًا حقيقيًا لمسيرتهم، ودافعًا قويًا لمواصلة العطاء في مجال الفن المسرحي.

ويمتد المهرجان على مدار ثمانية أيام، من 10 إلى 17 سبتمبر، ويتضمن سلسلة من الفعاليات المتنوعة التي تهدف إلى إثراء المشهد المسرحي الخليجي وتعزيز الروابط الفنية والثقافية بين دول الخليج. وتشتمل الفعاليات على عروض مسرحية، تمثل كل منها إبداعًا فنيًا من دولة من دول مجلس التعاون، إضافة إلى ورش عمل وحلقات نقاشية تهدف إلى تطوير المهارات المسرحية ودعم تبادل الأفكار والتجارب بين الفنانين والمبدعين الخليجيين.

ومن بين المكرمين كان المسرحى السعودى فهد ردّة الحارثى الذي يُعد أحد رواد المسرح السعودي، وهو كاتب ومخرج مسرحي، وصاحب بصمة أدبية تمتد إلى أكثر من ثلاثة عقود، قدم خلالها عشرات الروايات والعروض المسرحية، بينها: "عندما يأتي المساء" و"سقف الوطن" و"شدت القافلة"، فيما صدرت أعماله المسرحية الكاملة عن نادي الطائف الأدبي عام 2021.

كذلك تم تكريم المسرحي البحريني إبراهيم خلفان، والذى تجاوزت مسيرته 40 عامّا، وهو أحد أبرز أعمدة الحركة المسرحية في البحرين، واشتهر بأعماله المسرحية التي تجمع بين الطابع التراثي والحداثة، كما أنه أحد رواد المسرح التجريبي في البحرين، ويعمل حالياً كاختصاصي لنادي المسرح بجامعة البحرين، كما كان عضوًا مؤسسًا في مسرح "الصواري" وتولى رئاسة مجلس إدارته لمده ست سنوات، وبعيدًا عن المسرح شارك في التمثيل بالعديد من الأعمال التلفزيونية مع نجوم الدراما الخليجية.

ومن عمان، تم تكريم المسرحي العُماني عماد الشنفري ،صاحب تجربة متميزة في المسرح، كان لها حضورها المحلي والخليجي والعربي.

ويُعد الشنفري من أبرز الأسماء في الساحة الفنية العُمانية، وأسهم بشكل كبير في تطوير المسرح بالسلطنة من خلال أعماله التي تمزج بين التراث والمعاصرة.

بدأ مشواره الفني أواخر التسعينيات، وتميزت أعماله بالجرأة في الطرح والمعالجة الإبداعية للقضايا الاجتماعية والثقافية، ومن أبرز أعماله المسرحية "الندبة" و"ثوب العرس" و"مهمة المزار" و"العاصفة" و"أبو سلامة" و"حمران العيون" و"صباح الخير" و"أوراق مكشوفة" و"التوبة".

ومن المسرح الإماراتى جاء تكريم المسرحي الإماراتي أحمد الجسمي، والذى كانت له إسهامات واسعة في تأسيس الفرق الأهلية بالإمارات، والمشاركة مسؤولًا وممثلًا في مهرجان المسرح الخليجي.

الجسمي أعرب عن سعادته وفخره بالتكريم في مهرجان الرياض للمسرح الخليجي، وعد ذلك حصادًا لتاريخ طويل من السنوات في العمل المسرحي، وتقديرًا يذكره أنها لم تكن هباءً منثورًا.

ومن الكويت كرم المهرجان المسرحى محمد جابر، الذي حظي بتصفيق حاد من الجمهور وجميع الحضور، وذلك لأنه يُعد واحداً من أبرز المسرحيين الكويتيين بعدما تمكّن من حفر اسمه في ذاكرة الأجيال من خلال المسرحيات مع حسين عبدالرضا وسعد الفرج وغانم الصالح وسعاد عبدالله وحياة الفهد وغيرهم، من رواد المسرح في الكويت والخليج والعالم العربي.

ويرى جابر أن التكريم في دورة مهرجان المسرح الخليجي بالرياض له خصوصيته وتفرده، فالمسرح السعودي اليوم يتواصل ويتفاعل مع مسارح المنطقة الخليجية والعربية بأداء حيوي يعبر عن تطلعات المجتمع.

ومن البحرين جاء التكريم للمسرحى الراحل إبراهيم غلوم، الذي تسلم الجائزة نيابة عنه نجله الأكبر أنمار إبراهيم غلوم، وقد أعرب عن سعادته لتكريم والده في دورة المسرح الخليجي بالرياض لفتة ومبادرة كريمة، وهو تكريم للمسرح والمسرحيين في البحرين والخليج والعالم العربي، والجميل أيضًا أن يكون بالسعودية التي كان الوالد رحمه الله يحلم أن يُقام فيها هذا المهرجان.

وكرم مهرجان المسرح الخليجى المسرحي القطري صالح المناعي، صاحب المسيرة الفنية الحافلة في المسرح المحلي والخليجي، وله تجربة رائدة في الكتابة والإخراج والإنتاج والإدارة المسرحية، وترأس على مدى 20 عامًا قسم المسرح في قطر.

وقال المناعي إن التكريم في مهرجان الرياض للمسرح الخليجي له في نفسه مكانة كبيرة فهو وسام على صدره، وتقدير لتاريخه الفني في المسرح الخليجي.