تصاعدت شكاوى تجار وباعة المواشي السعوديين، ضد الشركة المشغل لسوق الأنعام في حي العزيزية وسط الرياض، بعدما رفعت قيمة إيجار الحظائر "الأحواش" عليهم بنسبة تجاوزت الـ 400 في المئة، وهو ما اعتبروه تضييقا عليهم في تجارتهم، ومسببا رئيسا في تحملهم تكاليف إضافية ستنعكس على ارتفاع أسعار بيع المواشي في السوق والأضرار بالمستهلك.
وأكد مربو وباعة المواشي أنهم تفاجؤوا خلال الأسبوع الماضي مع دخول أول مقاول لتشغيل مركز الأنعام في سوق العزيزية، أحد أهم مشاريع النفع العام، بتلقيهم إشعارات بزيادة القيمة الإيجارية ومطالبتهم بتوقيع عقود إيجار جديد بقيمة تصل إلى أربعة أضعاف قيمة إيجاراتهم الحالية والتي تنتهي في 19 نوفمبر المقبل.
خسائر متوقعة
وفي لقاء أجرته "الرياض" ضم عددا من التجار من مؤسسي سوق المواشي في حي العزيزية بالرياض، تحدثوا خلاله عن شكواهم وعدم قدرتهم على تحمل أي تكاليف إضافية قد تتسبب لهم بخسائر متوقعة، معتبرين في الوقت ذاته أن زيادة القيمة الإيجارية للحظائر أربعة أضعاف دفعة واحدة هو دعوة للخروج من السوق والتخلي عن المهنة التي يعملون بها منذ أكثر من 35 عاماً.
وبحسب أشعار زيادة القيمة الإيجارية الجديدة، فقد تم رفع إيجار الحظائر ذات المساحات 400 متر مربع من 10500 ريال سنويا إلى 27500 ريال سنويا بنسبة ارتفاع 250 % والحظائر التي مساحتها 1400 متر مربع من 35600 ريال إلى 129000 ريال بنسبة ارتفاع 400 % تقريبا، في حين تم رفع إيجار الحظائر التي مساحتها 3000 متر مربع من 75000 ريال إلى 354000 ريال سنويا وذلك بنسبة ارتفاع 470 % تقريبا.
لا للإضرار بالمستهلك
وأوضح غنام الدوسري أحد تجار المواشي في سوق العزيزية، أن تجارة المواشي في الوقت الحالي لا يمكنها تحمل أي تكاليف إضافية، لأن ذلك قد يؤدي إلى إنهاك ميزانية المربين والتجار والمهتمين في هذا القطاع، ومن ثم الإضرار بالمواطن الذي هو المستهلك النهائي.
ويرى الدوسري الذي يعتبر من مؤسسي سوق المواشي في العزيزية قبل 40 عاماَ أن رفع إيجار الحظائر بنسبة 400 في المئة غير مقبول إطلاقا ولا يتوافق مع الدخل الذي نحققه سنويا، وقال: "عندما يكون إيجار الحظيرة 350 ألف ريال هذا يعني أنه يجب أن يتم بيع ما يقارب من 30 ألف رأس سنويا، وذلك من أجل تسديد قيمة إيجار الحظيرة فقط وهو ما يعد من المستحيل"، ودعا الدوسري وزارة البيئة والمياه والزراعة -صاحبة الاختصاص-، إلى أهمية التدخل في الأمر والتفاهم مع المشغل على إعادة النظر في نسبة زيادة القيمة الإيجارية للحظائر، خاصة وأن سوق المواشي هو أحد أهم مشاريع النفع العام التي يعيش عليها المواطن بالدرجة الأولى وتسهم في عجلة الاقتصاد، ومن الواجب أن يراعى فيها وضع سقف للارتفاعات المسموح بها في عقود الإيجار في المشاريع القائمة والتي تنحصر بين 10 و 15 في المئة.
وقال: "نحن لسنا ضد زيادة القيمة الإيجارية بما يحقق المصلحة عامة والإنفاق على تأهيل وتطوير السوق، شريطة أن تكون تلك الزيادة في حدود المعقول التي يمكن للمستفيد تحملها".
الأمن الغذائي
وتحدث عبدالعزيز الزيد وهو أحد تجار الأغنام بالقول: "إن سوق العزيزية للمواشي يعد أحد أهم أسواق النفع العام التي تم نقل اختصاصاتها من وزارة البلديات والإسكان إلى وزارة البيئة والمياه والزراعة، وأن معظم أصحاب الحظائر هم من ذوي الدخل المحدود ويعملون في هذا القطاع منذ عشرات السنين وليس لهم أي مصادر أخرى للدخل، لذا فإنه من المفترض أن يجد هذا القطاع كل الدعم والمساندة من وزارة البيئة والمياه والزراعة، وأن تكون عقود إيجارات الحظائر بأسعار مقبولة، خاصة وأن هذا القطاع له دور مهم بالمساهمة في تحقيق الأمن الغذائي للبلد".
ديون وخسائر
وفي السياق ذاته يقول فرج كعمش العنزي "إن معظم تجارة المواشي ليس لديهم القدرة المالية على دفع القيمة الإيجارية المطلوبة من قبل مشغل مركز الأنعام بالعزيزية"، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن العمل في تجارة المواشي لديه الكثير من الاعتبارات كونها تعتمد على العرض والطلب، وأن أسعار المواشي في ارتفاع مستمر منذ أكثر من عامين مما يجعلها معرضة للركود في كل سنة عن أكثر من سابقتها.
وتابع قائلا: "إن أغلب تجار المواشي يشترون ويبيعون بالأجل والبعض لديهم ديون لدى الغير والبعض الأخرى عليهم مديونيات، ما يعني أن رفع القيمة الإيجارية للحظائر بهذه المبالغ العالية حتما سيكون له نتائج سلبية، وتحدٍ كبير للتاجر قد ينتج عنه تكاليف إضافية وتحمل ديون ومن ثم الدخول في خسائر لا يحمد عقباها".
الصدمة الأولى
وهنا قال عبدالله الخلف بائع مواشٍ "إنه بعد نقل اختصاص مشاريع النفع العام من وزارة البلديات إلى وزارة البيئة كان لدينا الكثير من التطلعات في تطوير السوق وتلمس حاجات المربين والعناية بهم ومواجهه العقبات التي تواجههم، لكن النتيجة كانت عكسية حيث تلقينا أول الصدمات بإرسال إشعارات من قبل الشركة المستلمة لإدارة مركز الأنعام بزيادة القيمة الإيجارية أضعافا مضاعفة، وقال: "نحن مع التطوير ومعظم الحظائر التي لدينا تم تطويرها من قبل أصحابها ويتم إجراء صيانة لها شبة دورية منذ أن تم استلامها من الأمانة قبل نحو 35 عاما، عندما كانت عبارة عن أسوار أسمنتية وسياج حديدي فقط وتم تأهيلها وتجهيزها إلى أن أصبحت بشكلها الحالي وفق أعلى المستويات.
وطرح الخلف على وزارة البيئة والمياه والزراعة فكرة الاستفادة من المساحات الشاغرة داخل السوق والتي تشكل 50 في المئة تقريبا من مساحة السوق من خلال إقامة حظائر نموذجية جديدة بمساحات كبيرة وجيدة التهوية بما يسهم في تلبية حاجة السوق وتطويره، وذلك بدلا من زيادة القيمة الإيجارية للحظائر الحالية.
خسارة محققة
واعتبر سعد العتيبي، تاجر مواشٍ، أن الموافقة على رفع إيجار الحظائر كما ورد في إشعار الشركة المشغلة لمركز الأنعام لا يتناسب إطلاقا مع الدخل الذي يحقق صاحب الحظيرة يوميا، وهو بمثابة خسارة محققة، لأن هامش الربح من ممارسة نشاط شراء وبيع الأغنام بالتجزئة بسيط جدا ولا يمكن أن يتحمل مثل هذه الأسعار المرتفعة.
وفسر العتيبي قوله إنه على التاجر أن يحقق صافي ربح بحد أدنى 1000 ريال يوميا، وذلك من أجل تسديد قيمة إيجار الحظيرة فقط، دون النظر إلى أي مصاريف أخرى يتحملها التاجر من أعلاف وعناية وبيطره وأجور عمال وغيرها، وطالب العتيبي وزارة البيئة بأهمية التدخل ومعالجة المشكلة قبل تفاقمها، منبها إلى أن رفع إيجار الحظائر لمن يستطيع دفعها ستنعكس سلبا على المستهلك، ومن لم يستطع دفعها سيخرج من السوق.
المساحات الشاغرة
وعلى الصعيد ذاته تحدث عبدالله الهويمل وهو صاحب حظيرة لتربية المواشي بالقول: "أنه لا يمكن لنا أن نتحمل هذه التكاليف العالية في القيمة الإيجارية، متوقعا أنه في حالة تطبيق هذه الزيادة فإن 50 في المئة من الباعة سيغادرون السوق.
وأضاف: "من يدفع الإيجار المرتفع لهذه السنة فلن يستطيع تحملها في السنوات المقبلة بسبب زيادة التكاليف، خاصة وأن السوق لم يعد مقصداً رئيسا لشراء المواشي كما كان عليه في السابق، بسبب ارتفاع أسعار المواشي من ناحية وانتشار تجارة بيع الذبائح عبر التطبيقات الإلكترونية من ناحية أخرى والتي يتم تربيتها وجلبها من المزارع والاستراحات الخاصة، وأشار الهويمل إلى أنه منذ الأيام الأولى لاستلام المشغل لمركز أنعام العزيزية غابت النظافة عن السوق وحاصره التلوث وإيقاف ضخ المياه وتراكمت النفايات وامتلأت الحاويات بالمواشي النافقة دون أي معالجة.
التعليقات